بحث في الموقع

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

قصيدة أمن المنون وريبها يتوجع

هذه القصيده قالها أبو ذئيب الهذلي يرثي فيها أبناءه
 أَمِنَ المنُونِ ورَيْبِها تَتوَجَّعُ  *** والدهرُ ليس بمعتبٍ مَنْ يجزعُ
قالت أميمةُ ما لجسمكَ شاحباً *** منذ ابتذلتَ ومثلُ مالِكَ ينفَعُ
أمْ ما لجنبكَ لا يُلائِمُ مضجعاً *** إلاَّ أَقَضُّ عليكَ ذاكَ المضجعُ
فأجبتُها أن مّا لجسمي أنهُ *** أودى بنيَّ من البلاد وودَّعُوا
أودى بنيَّ وأعقبوني حسرةً *** بعد الرُّقادِ وعبرةً لا تُقلعُ
ولقد أرى أنَّ البكاء سفاهةٌ *** ولسوف يولعُ بالبُكا منْ يُفجَعُ
سبقوا هَوَايَّ وأعنقوا لهواهم *** فَتَخرِّموا ولكل جنبٍ مصرعُ
فغبرتُ بعدهمُ بعيشٍ ناصبٍ *** وإخالُ أَنّي لاحقٌ مستَتْبِعُ
ولقد حَرِصْتُ بأن أدافعَ عنهمُ *** فإذا المنيَّةُ أقبلتْ لا تُدفعُ
وإذا المنيةُ أنشبتْ أظفارها *** ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفَعُ
فالعين بعدهم كأن حداقها *** سُمِلتْ بشوكٍ فهي هورٌ تدمعُ
حتى كأني للحوادث مروةٌ *** بصفا المُشَرَّقِ كل يومٍ تُقرعُ
وتجلدي للشامتينَ أُريهِمُ *** أني لريبِ الدّهرِ لا أَتَضَعْضَعُ
والنفسُ راغبةٌ إذا رغبْتَها *** وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقنعُ
 والدهرُ لا يبقى على حدثانِهِ *** جَوْنُ السَّراة له جدائدُ أربعُ
صخبُ الشواربِ لا يزالُ كأنهُ *** عبدٌ لآلِ أبي ربيعةَ مُسبَعُ
أكل الجميمَ وطاوعته سمحجٌ *** مثلُ القناة وأزعلته الأمرُعُ
بقرار قيعانٍ سقاها وابلٌ *** واهٍ فأشأم برهةً لا يُقلعُ
فلبِثنَ حيناً يعتلجن بروضه *** فيجدُّ حيناً في العلاج ويَشْمَعُ
حتى إذا جَزَرَتْ مياهُ رُزونهِ *** وبأيِّ حينِ قُلاوةٍ تَتَقَطَّعُ
ذكرَ الورُودَ بها وشاقى أمره *** شُؤماً وأقبل حينه يتتبَّعُ
فافْتنّهنَّ من السَّواءِ وماؤُهُ *** بِثْرٌ وعانده طريقٌ مُهْيَعُ
فكأنها بالجِزْعِ بين نُبايعٍ *** وأُلاتِ ذي العرجاءِ نهبٌ مجمعُ
وكَأَنَّهُنَّ رِبَابةٌ وكأنهُ *** يَسَرٌ يفيضُ على القِداحِ ويَصْدَعُ
وكأنما هو مدوسٌ مُتَقَلَّبٌ *** بالكَفِّ إلاّ أنهُ هو أَضْلَعُ
فوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مِقْعدَ رابئ الضُّـ***ـرباءِ فوق النجم لا يَتَتلّعُ
فشرعن في حجرات عذبٍ باردٍ ***حصبِ البِطاحِ تغيبُ فيه الأكرعُ
فَشَربْنَ ثمَّ سَمِعْنَ حِسَّاً دونهُ *** شَرَفُ الحجابِ ورَيْبَ قرعٍ يُقرعُ
ونميمةً من قانصٍ مُتلَبِّبٍ *** في كفِّهِ جشءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
فنكرنهُ فنفرنْ وامْتَرَسَتْ به *** عوجاءُ هاديةٌ وهادٍ جُرشعُ
فرمى فأنفذَ من نَحوصٍ عائطٍ *** سهماً فخرَّ وريشهُ مُتَصمِّعُ
فبدا له أَقْرابُ هذا رائغاً *** عَجِلاً فعيَّثَ في الكِنانةِ يُرجِعُ
فرمى فألحق صاعدياً مطحراً *** بالكَشْح فاشتمَلَتْ عليه الأضلُعُ
فَأَبدَّهُنَّ حتوفَهنَّ فهاربٌ *** بذمائهِ أو بارِكٌ متجعجعُ
يعثرنَ في علقِ النجيعِ كأنما *** كُسيتْ برودَ بني يزيد الأذرعُ
 والدهرُ لا يبقى على حَدَثانهِ *** شَبَبٌ أفزَّتهُ الكلاب مُروَّعُ
شعفَ الكلابُ الضارياتُ فؤادهُ *** فإذا يرى الصبح المصدقَ يفزعُ
ويعوذُ بالأرطى إذا ما شفّهُ *** قَطَرٌ وراحَتْهُ بليلٌ زعزعُ
يرمي بعينيه الغيوب وطرفهُ *** مُغضٍ يُصِّدقُ طَرْفُهُ ما يسمعُ
فغدا يُشرِّقُ مَتْنَهُ فبدا له *** أُوْلى سوابِقها قريباً تُوزَعُ
فانصاعَ من فَزَعٍ وسدَّ فروجَهُ *** غُبرٌ ضَوَارٍ وافيانِ وأَجْدَعُ
فنحا لها بِمُذَلَّقينِ كأنما *** بهما منَ النّضجِ المُجدَّحِ أَيْدَعُ
يَنْهَشْنهُ ويذودهُنَّ ويحتمي *** عبلُ الشوى بالطُّرَّتينِ مُوَلَّعُ
فَصرعنَهُ تحت الغبارِ وجنبُهُ *** [؟؟؟؟] ولكلِّ جنبٍ مَصرَعُ
حتى إذا ارتدَّتْ وأَقْصَدَ عُصبةً *** منها وقامَ شريدُها يتضوَّعُ
فكأن سفودين لما يُقترا *** عَجِلاً لهُ بِشِواءِ شَرْبٍ يُنزعُ
فدنا له ربُّ الكلابِ بكفِّهِ *** بيضٌ رِهَافٌ رِيشُهُنَّ مُقَزَّعُ
فرمى لينفذَ فارها فهوى لهُ *** سهمٌ فأنفذ طرتيه المنزعُ
فكبا كما يكبو فنيقٌ تارزٌ *** بالخَبْتِ إلاّ أنهُ هو أبرعُ
 والدهرُ لا يبقى على حدثانه *** مستشعرٌ حلقَ الحديد مقنَّعُ
حَمَيتْ عليه الدِّرعُ حتى وَجْهُهُ *** مِنْ جَرِّها يومَ الكريهةِ أَسْفَعُ
تَعْدُو به خَوْصَاءُ يَفْصِم جَرْيَها *** حَلَقَ الرِّحالةِ فهي رهوٌ تَمْزَعُ
قَصَرَ الصَّبُوحَ لها فَشَرَّجَ لحمها *** بالنيِّ فهي تثوخُ فيها الإصبعُ
تأبى بِدَّرتِها إذا ما استكرهَتْ *** إلاّ الحَميم فإِنَّهُ يَتَبَضَعُ
مُتَفلِّقٌ أنساؤُها عن قانيءٍ *** كالقُرْطِ صاوٍ غُبرهُ لا مرْضَعُ
بينا تَعانُقِهِ الكُماةَ وروغهِ *** يوماً أُتيح له جريءٌ سلفعُ
يعدو به نهشُ المشاش كأنه *** صدعٌ سليمٌ رَجْعُهُ لا يظْلَعُ
فتنازلا، وتوافقت خيلاهما *** وكلاهما بطلُ اللِّقاء مُخَدَّعُ
يتناهبان المجدَ كلٌّ واثقٌ *** ببلائه، واليومُ يومٌ أشنعُ
وكلاهما مُتَوشِّحٌ ذا رونقٍ *** عَضْباً إذا مسَّ الكريهةَ يقطع
وكلاهما في كَفِّه يَزَنيَّةٌ *** فيها سِنانٌ كالمنارةِ أصلعُ
وعليهما مأذيتان قضاهما *** داؤدُ أو صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ
فتخالسا نفسيهما بنوافذٍ *** كنوافذ العُبُطِ التي لا تُرقعُ
وكلاهما قد عاش عيشةَ ماجدٍ *** وجَنَى العَلاء لو أن شيئاً ينفعُ

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق